الأحد، 9 يونيو 2019

هل الانتقال الكمي الآني Teleportation حقيقة أم خيال؟

الانتقال الكمي الآني

هل الانتقال الكمي الآني Teleportation  حقيقة أم خيال؟ لنقل بتحديد أكبر هل الانتقال الكمي الآني للبشر ممكن حقًا؟
 ذلك سؤال يجب التحقق من حقيقته، نحلم بأن ندخل في غرفة في القاهرة، وبعد ثوان معدودة نكون في الاسكندرية أو أسوان أو حتى الولايات المتحدة، دون أن نتحرك خطوة واحدة، ما أجمل هذا الحلم والذي من شدة جاذبيته وروعته تجعل البشر، بمن فيهم العلماء، يتمسكون بها ويعملون على تنفيذه أو على الأقل إثبات إمكانية تنفيذه مهما كان ذلك صعباً.
في الحجلة العادية نحن “ننتقل” “كمياً” وبسهولة تامة بواسطة وسائل المواصلات على اختلافها أنواعها من سيارة، طائرة، أو سفينة للتحرك بين نقطة ونقطة أخرى، لكننا فعلياً وفي كل لحظة تمر علينا في عملية الانتقال هذه نسجل وجوداً على خط الانتقال بين النقطتين.
كي أنتقل من منزلي إلى عملي، أمر على  إشارات مرور، أعبر بجانب مئات البشر، يلامس إطار سيارتي عشرات الكيلومترات من الإسفلت.
أنت الآن في منزلك، ثم “الآن” أنت في عملك! لم يمر ما يمكن أن نطلق عليه زمن! لقد تم نقل “كتلتك” و”كمك” بدقة متناهية من نقطة إلى نقطة أخرى في لا وقت تقريبا.
لكن هل نجح العلماء في تحقيق هذا؟ الإجابة نعم نجحوا إلى حد ما، لكن ليس مع البشر، نجح العلماء فعلياً في تحقيق الانتقال الكمي معمليًا على فوتونات (جزيئات الضوء)، لكن يظل نقل البشر هو التحدي الأصعب، وذلك لأسباب كثيرة ومشاكل كبيرة و شهيرة.
أ. مفارقة آلة الانتحار
لكي يتم نقل “كتلتك” وجسمك بالكامل لحظياً من مكان إلى آخر، فإنه في البداية يجب تفكيكك على المستوى الذري كي يتم تجميعك مرة أخرى في النقطة التي تريد، سننتقل إلى الجهة الأخرى لحظياً، لكننا سنصل جثة هامدة.
 بسبب ذلك  قد يقتصر عمل الانتقال الكمي الآني، إذا ما أصبح هناك شيئاً كهذا مستقبلاً، على الجمادات بلا روح. لا مشكلة مطلقاً في تفكيك الهدية التي أود إرسالها “لحظيا” إلى ابنتي في عيد ميلادها بشرط حصولي على توقيع كتابي يضمن لي عمل الهدية بكفاءة عند الاستلام.
ب. مفارقة عرض نطاق البيانات
 لنفترض جدلاً، أننا وبمعجزة ما نجحنا في التوصل إلى آلية لتفكيك جسم إنسان بدقة متناهية إلى جزيئات مع الحفاظ على حياته ثم نقلها لحظياً إلى مكان آخر حيث سيتم تجميعه بحذافيره مجدداً. حسناً، ما ينقصنا الآن هو الوسيط أو الآلية التي سيتم بها نقله بسرعة لحظيةليس هناك ما هو  أسرع من الانترنت في نقل البيانات الضخمة؟!
فكل ما علينا الآن بعد نجاحنا في تفكيك الإنسان بنجاح والإبقاء على حياته في الوقت نفسه هو فك شفرة الجينوم لكل خلية في جسم الإنسان وتحويلها إلى بيانات يمكن نقلها بحيث يعاد تجميعها مرة أخرى في الجهة المطلوب السفر إليها، لكن كم هو حجم بيانات كل خلية واحدة؟ 10 مليار بت، كم هو حجم بيانات المخ البشري وحده؟ 2.6×4210 بت لنقرأ هذا الرقم الخاص بالمخ وحده مفرداً :
2,600,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000 بت.
هذا هو المخ وحده، لم نقترب بعد من بقية الجسم، باستخدام أقصى عرض نطاق لسرعة نقل البيانات على الانترنت (1.125 تيرابت/الثانية- الرقم القياسي في سرعة نقل البيانات على شبكة الانترنت حتى الآن) كم سيستغرق نقل المخ وحده؟ 4.85×1510 سنة وهذا أكبر من عمر الكون بمقدار 350 ألف مرة.
ت. مفارقة الذبابة اللعينة.
ما الذي يضمن أنه أثناء نقل الجزيئات لحظياً أن ننتقل معها جزيئات شيء آخر تواجد بالصدفة في لجظة التفكيكي، ما الذي يمنع مصيبة أن يكون هذا الشيء ذبابة مثلاً، تنقل وتدمج في بنية الإنسان المنقول، ويخرج لنا رجل موجود في صفاته الوراثية جيبنات ذبابة.
كيف لنا أن نفكك جسماً بشرياً بشجمه ولحمه دون أي شيء آخر مهما صغر من حوله؟ ذرة تراب شاردة مثلاً قد تفسد كل شيء، ولو افترضنا تحقيق الأمان والعزل الكامل للجسم أثناء التفكيك، ماذا لو تم تبديل ذردة يفترض تجميعها في المخ بذرة أخرى مكانها في الساق؟
ث. مفارقة النسخة غير المطلوبة:
تقتضي العملية مسح الجسم بالكامل بدقة متناهية على المستوى الذري ونقل بياناته إلى المكان المطلوب الانتقال إليه، ومن ثم طباعته من جديد بنفس طريقة الطباعة ثلاثية الأبعاد، ولكن ماذا عن الروح؟ كيف ستدب الحياة في هذه النسخة.
الأهم من ذلك أنك لم تتحرك من مكانك، فأنت لم تذهب لزيارة أسرتك، بل أرسلت نسحة منك للقيام بهذا، وبهذه الطريقة سيتضاعف عدد سكان العالم ملايين المرات خلال ثواني معدودة.
في النهاية هل يعني ذلك حقاً استحالة الانتقال الآني للبشر مستقبلاً، الحقيقة أن الفكرة تبدو مستحيلة نظرياً وعملياً للقيود التي ذكرناها من قبل، ولكن هذه القيود نعتقد أنها ستنهار شيئاً فشيئاً، مع تقدمنا في فهم وتطبيق ميكانيكا الكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة

قرأت لك: رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة 1. الحكاية: تحكي الرواية عن عالم في الهندسة الوراثي...