الأحد، 7 أبريل 2019

ياسر أبوالحسب: شرح لكتاب تاريخ الكوانتم وفلسفتها

تاريخ الكوانتم وفلسفتها

IMG_20190407_185718.jpg

“إن الراصد الذي يقوم بعملية الرصد، في المستوى المجهري، يخلق، ثم يرى ما خلق، هذا ما تقوله لنا نظرية الكم، إن الطبيعة في أعمق أعماقها غير محددة سلفًا، بل تنتظر راصدًا معينًا ما ليقوم بعملية الرصد ويحدد وضعًا معينًا للواقع”.

يوسف البناي


الكوانتم، واحدة من أعظم نظريتين فيزيائيتين في القرن العشرين، والثانية هي النسبية، وربما لم تأت عظمتها وتأثيرها الكبير من كونها استطاعت اجتياز اختبارات عدة، وفسرت ظواهر استعصت على العلماء طويًلا، ولكن جاءت تلك العظمة نتيجة انبثاق عدة مفاهيم غريبة عنها تتعارض تعارضًا واضحًا مع الحدس العام، وتداخلت كذلك مع الفلسفة في كثير من القضايا.

وفي هذا الكتاب “ميكانيكا الكم بين الفلسفة والعلم” يقدم يوسف البناي للكوانتم تقديمًا ملخصًا موجزًا، يوضّح فيه المشكلات التي ظهرت للعلماء وجعلتهم في النهاية يقدمون النظرية بوصفها حلًا لتلك المشكلات، ثم المفاهيم الأساسية للنظرية، وفي النهاية يقدم الآثار الفلسفية العميقة والمفارقات والغرائب التي تركتها لنا تلك النظرية. وفي خضم تلك المعمعة العلمية الفلسفية سنعرف أيضًا أولئك العمالقة الذين قدموا لنا تلك التحفة العلمية، علماء بدايات القرن العشرين، وهي نفس الفترة (بالمناسبة) التي قدّم فيها أينشتاين نظريته النسبية، بشقيها الخاصة والعامة.

عالم جميل مستقر

من ينكر أن فكرة التنبؤ بالنتائج بناء على معطيات لهي فكرة مألوفة وجميلة، أعطني كل المعلومات عن جسيم ما في لحظة، وسأعطيك كل المعلومات عنه في لحظة تالية، وهذا هو ما فعلته قوانين نيوتن للحركة مثلا، فهي تتنبأ بالمستقبل الفيزيائي للجسم بناء على حالته الابتدائية، لكن يبدو أن الطبيعة تأبى إلا أن تضيف إلى غرابتها غرابة، فتخسف بأفكارنا المألوفة الأرض، فهي لا تأبه لنا ولا لدواخلنا.

ظهرت مشكلتان كبيرتان، مشكلة تفسير الجسم الأسود، ومشكلة التأثير الكهروضوئي، ثم جاءت الحلول على يد ماكس بلانك وألبرت أينشتاين، ومساهمات كثيرة أخرى من قبل علماء عباقرة، وجاء الاستنتاج الكبير، الطاقة الكهرومغناطيسية تأخذ قيمًا منفصلة وليست متصلة كما كان معروفًا في السابق، وكانت هذه “رصاصة بلانك على الكلاسيكية” على حد وصف الكاتب.

ميكانيكا الكم بين الفلسفة والعلم

 

بعد ذلك استخدم نيلز بور افتراضات بلانك وأينشتاين لحل مشكلة أخرى هي مشكلة التركيب الذري، على الأقل بالنسبة لذرة الهيدروجين.

بعد ذلك انفرط عقد المنطق، وتناثرت حبّاته على أرض الكوانتم، دخلت مفاهيم جديدة مثل “مبدأ اللايقين”، لهايزنبرج، فنحن لا نستطيع معرفة سرعة ومكان الإلكترون في وقت واحد، فالطبيعة بخيلة بالمعلومات. وازداوجية الموجة-جسيم، للأمير الفرنسي، دي براولي، فالإلكترون موجه وجسيم في نفس الوقت.

استخدم شرودنجر أفكار سابقيه ليخرج لنا بدالته الموجيه، وفيها يمكن تخيل إمكان تواجد الجسيم كموجة احتمالية ضبابية، ولكنها ليست كأي موجة، وليأتي ماكس بورن ليزيد الطين بلّة، لنخرج في النهاية باستنتاج من أعجب ما يكون، وهو أننا لا يمكننا إطلاقًا تحديد موقع إلكترون داخل ذرة، بل هو احتمال بنسبة كذا أن يكون في المكان الفلاني، وعدم التحديد هذا ليس ناجمًا عن قصور في أدواتنا، بل هو في طبيعة الإلكترون نفسه.

وجاء فاينمان هو الآخر بمقاربة ميكانيكا الكوانتم، والذي يقول فيها أنّ الإلكترون أو أي جسيم تحت ذري يمكن أن يسلك طريقين في ذات الوقت! وغير ذلك من الاستنتاجات العجيبة.

كل ذلك أدى بطبيعة الحال إلى إعادة طرح أسئلة فلسفية عن الواقع، ما هو الواقع فعلًا؟ هل الإلكترونات جسيمات أم موجات؟ لماذا تضنّ الطبيعة علينا بالمعلومات؟ وكيف يمكن أن تكون الطبيعة احتمالية وأن يكون هناك شيء ما وليس له مكان محدد، بل هو هنا وهناك وهنالك بنسب احتمالية مختلفة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة

قرأت لك: رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة 1. الحكاية: تحكي الرواية عن عالم في الهندسة الوراثي...