الاثنين، 16 أكتوبر 2017

من علوم المستقبل ... الهندسة الوراثية



الهندسة الوراثية

يضم الچينوم البشري (الطاقم الوراثي البشري) في مجموعه كل الچينات اﻟﻤﺨتلفة الموجودة في خلايا البشر. ولقد أطلَق عليه والتر جيلبرتحامل جائزة نوبل-اسم »الكأس المقدسة لوراثة الإنسان، المفتاح إلى ما يجعلنا بشرا، ما يعين إمكانياتنا، حدودَنا يجعلنا بشراً لا شمبانزي هو مجرد اختلاف قدره ١%  بين طاقمنا الوراثي، والطاقم الوراثي للشمبانزي.
إن جوهر الچينوم البشري وتعدد جوانبه إنما يكمن في تفصيلاته، عن المعلومات المحددة في كل الچينات التي نمتلكها، ويتراوح عددها ما بين ٥٠٠٠٠ و ١٠٠٠٠٠ چين، وعن كيف تُسهم هذه الچينات في وجود ذلك العدد الهائل من الخصائص البشرية، وعن الدور الذي تلعبه أو لا تلعبه في الأمراض والتنامي والسلوك.
مضى البحث عن الصفات الوراثية منذ بداية هذا القرن، لكنه قد دخل الآن مرحلة الذروة مع ابتداع مشروع الچينوم البشري مؤخراً، ذلك المشروع الذي يهدف في نهاية المطاف إلى معرفة كل تفصيلات هذه الصفات،  ولاشك أن المعرفة ستطور تفهمنا لنمو الانسان، بما في ذلك من خصائصه الطبيعية مثل وظائف الأعضاء، وخصائص غير سوية مثل الأمراض.
ستحول قدراتنا على التنبؤ بما قد نكُونُه وقد تمكننا في نهاية الأمر من تعزيز أو تجنب قدرنا الوراثي، سواء بالطب أو بغيره.
كان مندل أول من أشار إلى توارث صفات نبات البازلاء من جيل إلى آخر بعد مراقبة طويلة وتجارب على النبات، وبين أن هناك صفات سائدة وصفات متنحية، دائماً تسود الصفات السائدة على المتنحية وتؤثر بصورة على قاطعة على صفات الجيل القادم.
(إذا كانت A و a تمثلان الصورتين السائدة والمتنحية  على التوالي الجين يمثل صفة معينة ، فإن احتمال أن تظهر الصفة السائدة في أي فرد من النسل يكون ٣ من كل 4، أما احتمال ظهور الصفة المتنحية فيكون ١ من كل ٤)
بعدها أثبت العلماء أن الچينات توجد على الكروموزومات، تلك الكيانات الدقيقة خيطية الشكل الموجودة داخل نواة الخلية، والتي تُلوَّن عند الصبغ، كما اكتشفوا الكثير من تفصيلات الوراثة المندلية وذلك من الدراسات عن ذبابة الفاكهة التي كانت مادةً ملائمة أكثر من الإنسان للبحث الوراثي لأنها تتكاثر بسرعة كما يمكن التحكم في تكاثرها تجريبيا.
تطور البحث في علم الوراثة بسبب علاقةُ هذا العلم بالطب، على أن علاقة علم الوراثة  باليوچينيا قد تكون هي التي جذبت إليه معظم الباحثين؛ واليوچينيا هي مجموعة الأفكار والأنشطة التى تهدف إلى تحسين نوعية جنس الانسان عن طريق معالجة وراثته البيولوچية.
يرجع تاريخ فكرة تربية أناس أفضل إلى أفلاطون، لكن الصيغة الحديثة (اليوچينيا) قد نشأت علي يدى فرانسيس جالتون) ابن خالة تشارلس داروين)  وكان هو نفسه عالماً يشار إليه بالبنان في أواخر القرن التاسع عشر.
اقترح جالتون أنه من الجائز أن نتمكن من تحسين الجنس البشري بالتخلص مما يسمى الصفات غير المرغوبة وبإكثار الصفات المرغوبة.
عم التحامل الطبقي والعرقي العلم اليوچيني، رأى اليوچينيون أن فقر الجماعات ذات الدخل المنخفض لا يرجع إلى عدم حصولهم على ما يكفي من الفرص التعليمية والاقتصادية ، وإنما  يرجع إلى قصور في قدراتهم الأخلاقية والعقلية ، يتجذر في بيولوچيتهم.
لهذا نادى البعض  بالتدخل في تكاثر البشر لزيادة تكرار الچينات الطيبة اجتماعيا في الشعب،  وخفض تكرار الچينات الرديئة. كان لهذا التدخل أن يتخذ صورتين صورة إيجابية وكانت تعني معالجة الصفات الوراثية للبشر و التربية لتوليد بشر أفضل.
أما الأخرى السلبية فكانت تعني تحسين نوعية السلالة البشرية بتخليص الشعب من المنحطين  بيولوچيا،  ويتم هذا بتثبيطهم  عن الإنجاب و مقاومة دخولهم إلى البلاد عن طريق الهجرة، لم يحدث الكثير بالنسبة للبيولوچيا الإيجابية، لكن الكثير قد تم بالنسبة لليوچينيا السلبية، وعلى وجه الخصوص التعقيم اليوچيني، حيث تم تعقيم المئات من البشر في مختلف أنحاء العالم، وخصوصاُ ضد الأقليات في أوروبا والولايات المتحدة، غير أن المجتمع العلمي بعد الحرب العالمية الثانية أهملت تلك الفرضيات وتحولت البحوث لمعرفة الجينات التي تتسبب في حدوث الأمراض.
في عام 1953 اكتشف العلماء أن الچينات عبارة عن لولب مزدوج من جديلتين من الحمض النووي الديوكسي ريبوزي (الدنا DNA) تجري فيه الجديلتان في تواز مضاد وتتصلان على مسافات دورية  بسلالم (وصلات)  تتألف من واحد من زوجين من القواعد: الأدنين والثايمين أو السيتوزين والجوانين وفي ظرف عقد من السنين أدرك العلماء أن القواعد الأربع تشكل أبجدية الشفرة الوراثية.
فتحت البيولوچيا الجزيئية أمام البشر آمالا جديدة لا تحد، إذ هي تُمكين العلماء من تخليق چينات جديدة وصِفاتٍ جديدة ، فلأول مرة في التاريخ يفهم كائن حي أصلَه ويستطيع أن يتولى تخطيط مستقبله.
في عام ١٩٨٤ عرضت فكرة إقامة مشروع ضخم لتحديد تفصيلات الچينوم البشري. وإنشاء قاعدة ضخمة للبيانات لمعلومات تتابعات الدنا  لكشف القواعد الوراثية لأمراض الإنسان.


يتألف الچينوم البشري من ٢٢ زوجاً من الأوتوزومات وزوجٍ من كروموزومات الجنس س س في الإناث س ص في الذكور،  بعد صَبْغ الكروموزومات يظهر بكل كروموزوم بشري نموذج متفرد من الشرائط)  مناطق تصبح قاتمة عند التفاعل مع الصبغة) بحيث يمكن تمييزه  بنموذجه هذا الخاص.

ربما كان أكثر التقدمات إثارة هو ابتكار الدنا المُطَعَّم في عام ١٩٧٣، تلك التقنية التي أمكن بها أن نقصَّ قطعة من دنا چينوم ثم نولجها في آخر والمقص هنا بروتينات تسمى إنزيمات التحديد، ترتبط بالدنا وتقطعه في مواقع بذاتها يحددها تتابع أزواج القواعد بها.
فَتح الدنا المطعم مجالا هائلا من الامكانيات العلمية، ومن بينها عزل الچينات البشرية المفردة وتحديد وظيفتها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة

قرأت لك: رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة 1. الحكاية: تحكي الرواية عن عالم في الهندسة الوراثي...