الاثنين، 23 أكتوبر 2017

كلمة عن كتاب: زوربا... by Nikos Kazantzakis

كلمة عن كتاب: زوربا... by Nikos Kazantzakis
*****************************************

Othman alhaj othman :
ما إن تنتهي من قراءة زوربا ، حتى يغمرك إحساس هائل ببساطة الحياة ، و تسيطر عليك رغبة عارمة بالقفز و الرقص و الانطلاق في مغامرة مجهولة ... كثيرة هي القواعد التي يحاول الكاتب اليوناني إيصالها لقرائه ، لعل أهمها أن الشباب فكرة عقلية و ليست جسدية ، و أن الحياة هي مجرد اللحظة الراهنة ، فلا حزن على ماض و لا خوف من مستقبل ، و أن الحرية هي الحالة الطبيعية للإنسان و أن الأحرار وحدهم على قيد الحياة ، و أن الأوان لم يفت بعد للقيام بمغامرة جنونة و تحطيم كل القيود التي تكبلنا ... و لكن أهمها أن السعادة أبسط مما نتخيل ..
و لكن ما لفت نظري في الرواية هي رمزيتها ... فالكاتب اليساري و الوزير اليوناني الذي كتب الرواية عام ١٩٤٦ ، قبل اندلاع الحرب الأهلية اليونانية ١٩٤٦-١٩٤٩ بقليل ، لم يستطع التخلص من إيديولوجيته الفكرية ، فقد صب جام غضبه كعادة الشيوعيين على رجال الدين ، و اعتبر أن تحطيم اساطيرهم من خلال قصة المصعد و تحطم الجذوع الثلاثة بما تمثله من الثالوث المقدس ، اعتبر ذلك أول خطوة في طريق النهوض بالمجتمع ، كما حاول الكاتب رسم شخصية زوربا لكي يمثل الإنسان" الشيوعي الحلم " ، فهو مجد مجتهد في عمله في النهار ، و لكنه يلتفت إلى متعه المادية من طعام و شراب و نساء في الليل ، و هو مناضل أممي لا يميز بين الأعراق و الأديان ، بل يسعى لخلاص البشرية بأجمعها ، و هو يحتقر أولئك المثقفين ذوي الأيدي الناعمة و يؤمن بالحياة كأفضل معلم ...
رغم طبيعة الرواية المتفائلة ظاهريا ، فقد وجدت فيها تلك المسحة القاتمة من العبثية التي طغت على أدب ما بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث يأس الجميع من خلاص البشرية عن طريق العلم أو الدين أو الفلسفة و الأدب ... لكن زوربا وحده وجد خلاصه في نوع من الموسيقى و الرقص البدائي ، و في الانغماس في ملذات الحياة .
الرمزية الأخرى في الرواية هي ثنائية العجوز صاحبة الفندق و الأرملة الشابة ، فأنا أعتقد أن الأولى تمثل اليونان القديمة بكل إرثها الحضاري الغابر ، و لكنها تموت في النهاية و ينهبها الرعاع و لا يبقى منها إلا الذكريات ... أما الأرملة الشابة المتمردة في اليونان الحديثة التي تعلق آمالها بالمثقفين من أبنائها و لكنهم لم يمتلكوا الشجاعة الكافية لحمايتها ...
الرمزية الأخيرة هي ثنائية الصديقين المغتربين ... أحدهما يسعى لإعادة مجد اليونان الغابر خلف الحدود و لكنه يموت في النهاية و يموت معه حلم اليونان كأمبراطورية ... أما الآخر الكاره لكل ما هو يوناني فهو يضيع في أفريقيا البعيدة و ينقطع آثره ...
الرواية جميلة جدا من الناحية الأدبية ، و إن كانت غير موفقة من الناحية الفلسفية ، فالحياة على نمط زوربا ممكنة فقط على المستوى الفردي ، كما أن حياة العجوز صاحبة الفندق كانت نسخة متطابقة مع حياة زوربا و لكن مع نهاية مختلفة ....
أما تطبيق أفكار زوربا على المستوى العام ، فهذا ما سيؤدي لمجتمع متفلت فاشل على نمط المجتمعات الشيوعية ،... و هذا ليس بغريب ، فالكثير من الأفكار النظرية الجميلة تؤدي عند تطبيقها على المجتمع إلى كوارث ... و من أبرز الأمثلة على ذلك فكرة السوبرمان التي ابتكرعا نيتشه و أدت إلى ظهور النازية أو فكرة الانتقاء الطبيعي التي ابتكرها داروين و نشأت بعدها الداروينية الاجتماعية التي شرعت الاستعمار و ابادة الشعوب الاقل تحضرا
بالمجمل الرواية جميلة جدا و تسحق القراءة و المناقشة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة

قرأت لك: رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة 1. الحكاية: تحكي الرواية عن عالم في الهندسة الوراثي...