كلمة عن كتاب : حفلة التيس ... by Mario Vargas Llosa
************************************************
Hend awad :
أقل ما يقال عنها أنها رواية مبدعة لكنها كتبت للقارئ صاحب النفس الطويل، لانه سيضع امامك كافة خيوط الرواية بالبداية ثم يقوم بإعادة ربطها بحرافية منقطعة النظير ويخبرك في النهاية أن السير معه يستحق العناء ..
تبدأ الرواية بعودته "اورانيا" إلى بلادها بعد مغادرتها منذ 35 عام، لتزور أباها الذي كان على رأس نظام "تروخيو" المشلول وتجلس برفقة عمتها وأولادها لتستعيد كل ما حدث خلال ثلاثين عام، وتفصح عن سبب مغادرتها وعدم التواصل مع والدها والرد على محاولاته في الاتصال بها، كل ذلك عن طريق الفلاش باك وتعدد الأصوات بالرواية والتنقل ما بين الشخصيات المختلفة من حيث التكوين النفسي والثقافي، والتحدث عن سبب اغتيال الرئيس وانحرفاته.
حفلة التيس تفضح حياة دكتاتور الدومينيكان (تروخيو) بأحداث واقعية ممزوجة بالخيال وهى أيضا تصلح لكل مكان وزمان فمن الممكن ببساطة إسقاطها على العالم العربي، هى رواية سياسية وواقعية كتبت بدقة متناهية، تقرأ وانت تشعر بأنك فرد بين شخصيات الرواية، تشاهد عن قرب ما يدور بينهم، تنفعل مع كل ما يحدث، تريد أن تثأر معه من الحاكم الطاغية، تدور أحداث الرواية من سنه 1930 إلي 1961، ثلاثين عام من الاستبداد والخنوع، يجلس "تروخيو" في الحكم ويحول الدومينيكان إلى مستعمرة يضع يده على أغلبها ويدير مصانع وأراضي لمصلحته الخاص ويحمل مسئولية كل أفراد العائلة، ويترك ابنه يفعل ما يشاء من اغتصاب وسكر وخلافة ويلملم هو وراء أفراد اسرته من خلال إصدار الأوامر لحاشيته ومن ضمنهم " الدستوري" وهو العقل المدبر والقادر على الألتفاف حول القانون.
أراد يوسا أن يضع حد للاستبداد بروايته، جعل مجموعة من الشباب تخطط لاغتيال الرئيس وترك القارئ تحت ضغط نفسي كبير وهو يتنقل في كتابته بين الماضي والحاضر ويسرد أحداث ما بعد إتمام الأغتيال، وما سوف يحدث لهؤلاء الشباب فيما بعد وهنا ينتقل يوسا للجزء الأكثر قسوة ووحشية حتى إنك تشعر انه انتقل ليكتب جزء منفصل عن أدب السجون، وهذا من أهم مميزات الرواية هى تنقلاته في السرد بسهوله ويسر بدون أن يفقد القارئ تركيزة، حتى انه رسم كل شخصية أمامك رغم تعدد الشخصيات بالرواية ...
ينتقل "يوسا" بالقارئ إلى أهم جزء بالعمل وهو كيفية تحويل الرئيس الدمية إلى رئيس حقيقي يمتلك السلطة بالمعنى الحرفي في إحدى فصول الرواية وهو الأكثر إمتاع ودهشة....
ثم يجيب عن تساؤلات عدة وهى ...
كيف تقوم الحاشية بإرضاء الرئيس وما هى الوسائل المستخدمة في ذلك؟
كيف يتم التخطيط داخل القصر وكيفية تأمين حياة أفراد الأسرة عن طريق تحويل أموال طائلة في سويسرا وخلافة...
يوضح علاقة الكنيسة بالسياسة وأهمية رجال الدين، ثم ينتقل إلى توضيح سلطة الكونجرس الأمريكي وأهمية في الضغط على اصحاب المصالح..
ما أهمية حياة الفرد أمام دولة بأكمالها كما ذكر يوسا في إحدي المواضع بالرواية
" وما أهمية موت خمسة أو عشرة أو عشرين ألف هايتيتي إذا كان الهدف إنقاذ شعب"
ثم بالنهاية يضعك أمام مصير كل شخص ليحصد ما زرعه طول سنين خدمته ...
ليس هذا فقط ولكنه وضع القارئ أمام مواطن ضعف الرئيس وكيف إنه في النهاية شخص هش، ضعيف، عاجز ولكنه يمتلك نفوذ، بالمختصر الكاتب لم يكتفي بوصف الشخصيات من الخارج لكنه توغل داخل أنفسهم ...
رواية شاقة، صادمة، تترك علامة بذهن ونفسية القارئ صعب يتخطاها بسهولة، يستحق الكاتب جائزة نوبل عن جدارة ولو لم يكتب إلا هذه الرواية
مشكلتها الوحيدة أنها تحتاج إلى تركيز بسبب كثرة وتعدد الشخصيات ولصعوبة الأسماء اللاتينية ..
بالنهاية مهما كتبت فأنا عاجزة عن التعبير لما اشعر به من غصة وفقدان القدرة على فعل اي شئ سوا التفكير في كل أحداث هذه الرواية واستعادة بعد المشاهد القاسية
************************************************
Hend awad :
أقل ما يقال عنها أنها رواية مبدعة لكنها كتبت للقارئ صاحب النفس الطويل، لانه سيضع امامك كافة خيوط الرواية بالبداية ثم يقوم بإعادة ربطها بحرافية منقطعة النظير ويخبرك في النهاية أن السير معه يستحق العناء ..
تبدأ الرواية بعودته "اورانيا" إلى بلادها بعد مغادرتها منذ 35 عام، لتزور أباها الذي كان على رأس نظام "تروخيو" المشلول وتجلس برفقة عمتها وأولادها لتستعيد كل ما حدث خلال ثلاثين عام، وتفصح عن سبب مغادرتها وعدم التواصل مع والدها والرد على محاولاته في الاتصال بها، كل ذلك عن طريق الفلاش باك وتعدد الأصوات بالرواية والتنقل ما بين الشخصيات المختلفة من حيث التكوين النفسي والثقافي، والتحدث عن سبب اغتيال الرئيس وانحرفاته.
حفلة التيس تفضح حياة دكتاتور الدومينيكان (تروخيو) بأحداث واقعية ممزوجة بالخيال وهى أيضا تصلح لكل مكان وزمان فمن الممكن ببساطة إسقاطها على العالم العربي، هى رواية سياسية وواقعية كتبت بدقة متناهية، تقرأ وانت تشعر بأنك فرد بين شخصيات الرواية، تشاهد عن قرب ما يدور بينهم، تنفعل مع كل ما يحدث، تريد أن تثأر معه من الحاكم الطاغية، تدور أحداث الرواية من سنه 1930 إلي 1961، ثلاثين عام من الاستبداد والخنوع، يجلس "تروخيو" في الحكم ويحول الدومينيكان إلى مستعمرة يضع يده على أغلبها ويدير مصانع وأراضي لمصلحته الخاص ويحمل مسئولية كل أفراد العائلة، ويترك ابنه يفعل ما يشاء من اغتصاب وسكر وخلافة ويلملم هو وراء أفراد اسرته من خلال إصدار الأوامر لحاشيته ومن ضمنهم " الدستوري" وهو العقل المدبر والقادر على الألتفاف حول القانون.
أراد يوسا أن يضع حد للاستبداد بروايته، جعل مجموعة من الشباب تخطط لاغتيال الرئيس وترك القارئ تحت ضغط نفسي كبير وهو يتنقل في كتابته بين الماضي والحاضر ويسرد أحداث ما بعد إتمام الأغتيال، وما سوف يحدث لهؤلاء الشباب فيما بعد وهنا ينتقل يوسا للجزء الأكثر قسوة ووحشية حتى إنك تشعر انه انتقل ليكتب جزء منفصل عن أدب السجون، وهذا من أهم مميزات الرواية هى تنقلاته في السرد بسهوله ويسر بدون أن يفقد القارئ تركيزة، حتى انه رسم كل شخصية أمامك رغم تعدد الشخصيات بالرواية ...
ينتقل "يوسا" بالقارئ إلى أهم جزء بالعمل وهو كيفية تحويل الرئيس الدمية إلى رئيس حقيقي يمتلك السلطة بالمعنى الحرفي في إحدى فصول الرواية وهو الأكثر إمتاع ودهشة....
ثم يجيب عن تساؤلات عدة وهى ...
كيف تقوم الحاشية بإرضاء الرئيس وما هى الوسائل المستخدمة في ذلك؟
كيف يتم التخطيط داخل القصر وكيفية تأمين حياة أفراد الأسرة عن طريق تحويل أموال طائلة في سويسرا وخلافة...
يوضح علاقة الكنيسة بالسياسة وأهمية رجال الدين، ثم ينتقل إلى توضيح سلطة الكونجرس الأمريكي وأهمية في الضغط على اصحاب المصالح..
ما أهمية حياة الفرد أمام دولة بأكمالها كما ذكر يوسا في إحدي المواضع بالرواية
" وما أهمية موت خمسة أو عشرة أو عشرين ألف هايتيتي إذا كان الهدف إنقاذ شعب"
ثم بالنهاية يضعك أمام مصير كل شخص ليحصد ما زرعه طول سنين خدمته ...
ليس هذا فقط ولكنه وضع القارئ أمام مواطن ضعف الرئيس وكيف إنه في النهاية شخص هش، ضعيف، عاجز ولكنه يمتلك نفوذ، بالمختصر الكاتب لم يكتفي بوصف الشخصيات من الخارج لكنه توغل داخل أنفسهم ...
رواية شاقة، صادمة، تترك علامة بذهن ونفسية القارئ صعب يتخطاها بسهولة، يستحق الكاتب جائزة نوبل عن جدارة ولو لم يكتب إلا هذه الرواية
مشكلتها الوحيدة أنها تحتاج إلى تركيز بسبب كثرة وتعدد الشخصيات ولصعوبة الأسماء اللاتينية ..
بالنهاية مهما كتبت فأنا عاجزة عن التعبير لما اشعر به من غصة وفقدان القدرة على فعل اي شئ سوا التفكير في كل أحداث هذه الرواية واستعادة بعد المشاهد القاسية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق