الاثنين، 9 أكتوبر 2017

مسرحية من الخيال العلمي للأطفال المشهد الرابع والخامس

المشهد الرابع

تفتح الستارة على غرفة نادي العلوم، والشباب والمهندس مشغولون بالعمل.
صوت الراديو يغني
وبحبك وحشتي ..بحبك وانتي نور عيني
دا وانتي مطلعه عيني .. بحبك موت
لفيت قد ايه لفيت
مالقيت غير فحضنك بيت
وبقول لك انا حنيت
بعلو الصوت
يخفت الصوت بينما يتوجه المهندس إلى السبورة.
المهندس :
حانت اللحظة الحاسمة، الناس تنتظرنا في المسجد، سنصلي معهم صلاة العصر ثم ننطلق على بركة الله، لنراجع معاً الاستعدادات، ليخبرني كل فرد عن مهمته.
الشاب 1 :
سأقوم أنا وزميلي بوضع الحبل الملفوف على صدرك وظهرك تحت ذراعيك وشده من على طرفي الترعة.
لنساعدك في المسير والطفو عند الحاجة، نرخي لك الحبل عندما يكون مستوى المياه منخفضاً، ونشد الحبل لنعينك على الطفو عندما يكون مستوى الماء عالياً.
المهندس :
ممتاز
الشاب 3:
سأقوم أنا وزميلي بنصب مصائد شبكية حديدية نرفعها بعد عبورك المناطق المتفق عليها مباشرة لاصطياد أي جرذان تتبعك ومنعها من الهرب ومن الخروج إلى الهواء فتموت من الغرق.
المهندس :
ممتاز
الشاب 5 :
سأقوم أنا وزميلي بمساعدة أهالي القرية بضرب الفئران الهاربة على رؤوسها لتغطيسها في الماء، أو قتلها حال محاولتها الهرب.
المهندس :
ممتاز.
الشاب 7 :
سأقوم أنا وزميلي بمعاونة الأهالي بجمع الجرذان الميتة ووضعها في أجولة بلاستيكية.
بعد ذلك نجمع تلك الأجوالة ونصب عليها الكيروسين ويتم حرقها ودفنها في الحفرة المعدة لذلك بجوار المقابر، لمنع انتشار العدوى من جيف القئران الميتة بعد تعقنها.
المهندس :
ممتاز، وبالنسبة لي فقد فصلت بدلة من المشمع الذي يمنع مرور أي ديدان موجودة في مياه الترعة.
كذلك اشتريت حذاءً بلاستيكياً برقبة طويلة محكمة ولقد صنعنا الجهاز على شكل قبعة سأرتديها فوق رأسي وأقوم بتشغيل الجهاز وأنتظر قليلاً في مكاني لكي تتجمع الجرذان ثم أسير الهوينى في المياه لكي نستجمع المزيد منها.
الشاب1 :
قبلها ستسير من المسجد داخل شوارع لكي تجمع الجرذان التي تحتل البيوت أولاً.
ثم تهبط بها إلى الترعة من عند المصلية عند حقل عم جابر الشحري و تبدأ السير ببطء في الترعة.
ولكن لماذا لم تفكر في استخدام قارب تركبه فيه بدلاً من السير في الماء.
المهندس :
لو استخدمت قارباً فستقفز الجرذان إليه وربما تغرقه من وزنها الكبير، كما أن عمق الترعة ليس كبيراً يسمح بالسير فيها دون أن يبلغ ارتفاع المياه الرقبة.
كما ترى فإن الحذاء الذي أرتديه له سطح عريض من الأسفل يمنعه من الانغراس في طين الترعة.
 سيكون كل شئ على ما يرام، لقد جربنا كل ذلك من قبل وسارت الأمور بنجاح.


المشهد الخامس

يسمع صوت موسيقى وطنية
والله وعملوها الرجاله
ورفعوا راس مصر بلدنا
ووقفوا وقفة رجاله
مبروك لمصر ولولادنا
الكل طاير من الفرحه
ومصر لبسالنا الترحه
يارب دايما من الفرحه
متحرمناش
تفتح الستارة على شكل ترعة بعرض المسرح وعلى جانبيه يقف جمع كبير من أهل البلد الذين يرتدون الجلابية والطاقية.
الشباب والصبيان يلبسون البيجامات والجلاليب والبنات والسيدات يرتدين الجلابيات السمراء والطرحة.
يتقدم الجميع العمدة وابنه وبعض الشباب المتعلم الذي يرتدي البنطلون والقميص، يظهر المهندس وهو يرتدي بدلة من البلاستيك السميك.
وحذاء بلاستيكي برقبة طويلة ويضع الجهاز فوق رأسه، والسماعة التي في قمة الجهاز الموجود على شكل هرم تدور في جميع الاتجاهات ببط.
يضع على أذنه سدادات تمنع عنه الأصوات، ويرتدي نظارة سوداء، يسير المهندس وكأنه رائد فضاء.
يسير معه بعض الشباب الذين يرتدون ترينجات، وعند مصلية عم جابر الشحري يهبط المهندس إلى الماء وسط التصفيق الحاد وأغنية والله وعملوها الرجالة.
يلقون إليه بحبلان، حبل من الأمام وحبل من الخلف، تحت الذراعين، ثم يتم برمهمها ويمسك كل شاب منهم بطرف على جانبي الترعة ثم يبدأ الشاب في السير، يخفت صوت الأغنية مع بداية الحديث.
عوضين  :
يا نهار أبيض، ألا ترى يا عمدة ما يحدث، شئ ولا في الأحلام.
العمدة :
ماذا يحدث، الزحام يمنع عني الرؤية.
( يضع يده فوق عينيه كأنما يريد أن يدقق النظر)
الفلاح 1:
لقد انطلق المهندس يسير في شوارع القرية ببطء والفئران تخرج من البيوت وتسير وراءه في خطوط مستقيمة بخطوات منتظمة وكأنها جنود يسيرون في عرض عسكري.
يستمر المهندس في المسير بمحاذاة الحقول، والغريب أن الفئران لا تخاف من الناس ولا تهرب منهم بل تسير مستسلمة وكأنها منومة مغناطيسياً.
العمدة :
لا إله إلا الله! ثم ماذا بعد ؟
عوضين:
عطف إلى الترعة وخاض فيها حتى صدره، والفئران تنزل خلفه وتعوم بجانبه ومن أمامه ومن خلفه.
إنها تكاد تلتصق به، إنها بالعشرات تأتي من كل حدب وصوب، من قرانا ومن القرى التي حولنا.
العمدة :
ضعوا أعينكم على المهندس فربما تؤذيه الفئران أو تعرقله على السير، وكونوا على استعداد لأي طارئ، أليست عربة الاسعاف موجودة على بجوار الترعة.
عوضين:
نعم يا عمدة، عربة الاسعاف والمطافئ موجودة وتسير بمحاذاة المهندس للتدخل عند الخطر.
لا تقلق .. الشباب كثير وابنك معهم يشجعهم ويشد من أزرهم، يا إلهي .. لقد زاد عدد الفئران وركبوا فوق بعضهم، وبدأ بعضهم بالغرق، ومن يحاول الخروج إلى الشاطئ وهو منهك يصطاده الشاب.
العمدة :
والفئران الميتة ؟ ماذا يفعلون بها.
عوضين:
إنهم يملأون بها الأجولة البلاستيك التي أعدوها لذلك وسيتم حرقها ودفنها، لأنها كما يقولون تحمل الأمراض في جلدها، يا إلهي .... ماذا يحدث ... هل هذا معقول.
العمدة :
ماذا حدث، هل أصيب أحد بمكروه؟
عوضين:
لا يا عمدة، زاد عدد الفئران، إنهم بالمئات بل بالآلاف يتدفقون كالسيل نحو الترعة، لقد ارتفع منسوب المياه بسببهم، حتى وصلت المياه إلى ذقن المهندس.
العمدة :
وجه الاهالي لسحب الفئران الميتة حتى لا تهبط إلى القاع وتسبب ارتفاع سطح الترعة، وقد تسبب مشكلة للمهندس والفريق وتمنعه من استكمال المهمة.
سأجزل العطاء لهذا المهندس العبقري الذي لم تنجبه مصر من قبل، وسأكافئ فريقه العلمي الطموح.
 إنهم ليسوا أولاداً لا يتحملون المسئولية كما كنا نظن بهم، إنهم رجال لهم عقول متفتحة، العلم مفتاح العقل، والعقل مفتاح الدنيا.
عوضين :
لا ... لا .. لا يمكن أن يحدث هذا
العمدة :
ماذا حدث؟
عوضين :
الشبك المعدني الذي نصبه الشباب يصيد المئات من الفئران الحية، والشباب يسحبونها إلى بعد أغراقها.
يضربون الفئران التي ما زالت حية بداخلها ، فتموت على الفور لأنها منهكة من السباحة الطويلة.
مئات الجرذان الغرقى تعوم على سطح المياه بعد انتفاخها بالماء، فيقوم الأهالي بسحبها إلى الشاطئ ووضعها في الأجولة البلاستيك.
العمدة :
وماذا عن المهندس؟
عوضين :
الشباب على الشاطئ يدفعون المهندس إلى الأعلى بالحبال حتى لا تصل المياه إلى فمه.
يبذل جهداً كبيراً في السير في وسط الترعة، وهو في دنيا أخرى يسير إلى الأمام و لا يلتف و لا يتكلم و لا يسمع أحد.
كأنه إنسان من حديد مثل الذي نراه في أفلام التلفزيون الموصلة بالأطباق الفضائية.
العمدة (وهو يضحك) :
هل وصلت الأطباق الفضائية إليكم يا عوضين، وتشاهدون الأفلام الأجنبية أيضاً، إنه آخر الزمان
عوضين :
الله أكبر، ماذا يحدث ؟؟
العمدة :
ماذا ؟
عوضين (ضاحكاً) :
مشهد مضحك، القطط تأتي على مسافة بعيدة من الفئران وهي تسبح في صعوبة، يفصل بينها وبين الجرذان مسافة كبيرة، وتبدأ صغارها بالغرق.
العمدة :
سبحان الله، أخبروني أن هذا الجهاز للجرذان فقط وليس لقطط، سنجعلهم يصنعون جهازاً لكل نوع من الحيوانات.
ذلك أفضل فإذا أردنا التخلص من القطط قمنا بتشغيل جهاز القطط، وإذا أردنا التخلص من الكلاب قمنا بتشغيل جهاز الكلاب،.
وإذا رغبنا في التخلص منها جميعاً دفعة واحدة، نستخدم الجهاز نفسه الذي معهم ويقومون بتشغيله الآن.
عوضين (وهو يضحك بصوت أعلى) :
وصلوا.
العمدة :
من الذين وصلوا؟
عوضين (وهو مستمر في الضحك) :
الكلاب
العمدة :
كيف؟
عوضين :
أسراب الكلاب تأتي بعد القطط بمسافة بعيدة، وهي تنبح بصوت عالي، وصغارها تبدأ في الغرق.
الترعة يا عمدة أصبحت حديقة حيوان، يا نهار أبيض، هل نحن في زمن الجنون.
العمدة (في غضب) :
ماذا يحث يا عوضين، لماذا تولول كالنساء، قل ماذا يحدث قبل أن أصفعك كفاً يطيح بك إلى الترعة مع الفئران والقطط والكلاب.
عوضين (وهو غارق في الضحك) :
السحالي الصغيرة والأبراص تتجمع بعد الكلاب وتنزل إلى المياه رافعة رأسها إلى الأعلى.
لا أدري لماذا تستجيب الفئران فوراً، وتتأخر عنها القطط والكلاب ثم السحالي والأبراص.
العمدة :
هذا الجهاز العجيب لا ندري ماذا يفعل بنا، ربنا يستر.
عوضين (وهو مازال يضحك) :
لو أن هذا الجهاز العظيم يمكنه أن يسحب نساءنا لأراحنا الله منهم وتزوجنا من جديد يا عمدة.
العمدة :
لو سحب النساء سيسحب البنات ولن تجد بنتاً تتزوجها يا ذكي، نشكر الله أنهم صابرون علينا.
عوضين (بحسرة يقبل يديه على الوجهين) :
الحمد لله على كل شئ يا عمدة، المنظر أصبح مثيراً، الشباب يصورون الصراصير وجميع أنواع الزواحف وهي تتجمع وتهبط إلى الماء.
والله لو أن التلفزيون يعرف لقام بتصوير تلك المعجزة، ما الذي يحدث، مصيبة يا عمدة.
العمدة :
أي مصيبة؟ تكلم يا حيوان، هل أصاب أحد مكروهاً؟
عوضين :
الدجاج الكبير والصغير ينزل إلى الترعة ويسير خلف الركب، يا إلهي البط والأوز والرومي كلها تنزل إلى الترعة.
العمدة :
حاولوا منع الدجاج لأنه لا يجيد السباحة مثل البط والأوز والرومي
عوضين :
الفلاحين يحاولون ولكن الدجاج توحش، فهو ينقرهم ويفر منهم إلى الترعة، مصيبة يا عمدة.
العمدة :
ارسلوا أحداً إلى المهندس و أخبروه أن يوقف ذلك الجهاز اللعين عن العمل، لا نعرف إلى أين يأخذنا هذا الجهاز.
عوضين :
الأهالي تشير إليه وتنادي عليه وهو لا يسمع و لا يرى أحداً، يسير ولا شئ غير ذلك وكأنه آلة لا تسمع ولا ترى، مصيبة أخرى تحدث الآن يا عمدة، كله يدخل في كله.
العمدة :
ماذا تقصد بكله يدخل في كله؟
عوضين:
القطط تلحق بالفئران وتدوس عليها، والكلاب لحقت بهما وتدوس على القطط، والدجاج والبط دخلا المعركة والكل يغرق.
العمدة :
والمهندس ماذا يفعل؟
عوضين :
مازال يمشي ولكن ببطء، كل الحيوانات تتجه نحوه حتى الحمام يطير فوقه وخلفه.
المصيبة يا عمدة أن الماعز والخراف انضمت للمسيرة ولكن من فضل الله فضلت المسير على الجانبين ولم تنزل إلى الماء.
العمدة :
والأهالي ماذا يفعلون؟
عوضين :
الأهالي تصرخ لإيقاف المهندس لأنهم لم يعودوا يستطيعون متابعته، فلقد كلوا من السير الذي امتد لأكثر من ثلاث ساعات.
بينهم وبينه حيوانات كثيرة على البر وفي الماء، وهو يسير ببطء ولم يتعب ولم يكل.
سيارتا الاسعاف والاطفاء توقفتا عن المتابعة، وهي تعود الآن أدراجها إلى المدينة، والأهالي في حالة ثورة، ويلقون عليه بالحجارة من بعيد لعله يتوقف، وهو لا يحس بشئ.
( يسمع أذان المغرب من بعيد)
عوضين :
أذن المؤذن لصلاة المغرب، وهذا الرجل ما زال يسير، لقد مشي مسافة كبيرة قي الماء، وقطع أكثر من أربع قرى.
حشد وراءه الآلاف من الحيوانات في هذه القرى، غرق معظمها وجثثهم تطفو على صفحة المياه.
إنها خسارة كبيرة يا عمدة الدجاج والحمام والبط والوز والرومي، جثثهم تملأ الترعة، ولم يعد أحد يهتم بجمع الجثث لكثرتها.
العمدة :
لعنة الله على عقلي الذي وافق هؤلاء المجانين على تلك المصيبة التي حلت بنا، ما العمل يارب في تلك الطامة الكبرى، رحماك يارب.
عوضين :
حسناً لقد توقف أخيراً، والتفت إلى الخلف، ها هو يلعب في مفتاح في الجهاز الذي فوق رأسه.
يا إلهي الحيوانات تفزع وتحاول الهرب فيغرق بعضها بعضا، الكل يحاول الهروب دون جدوى.
الجميع يغرق، لم تعد هناك حركة في الماء، أرواحهم ذهبت إلى بارئها.
العمدة :
والماعز والخراف إلى أين ذهبت؟
عوضين :
فرت إلى الحقول المجاورة على غير هدى، فلقد نسيت أماكنها وبيوتها، والناس تجري وراءها والكل يدعي أنها ملكه.
العمدة :
وماذا يفعل المهندس ؟
عوضين :
يقف وينحي للجموع كأنه ممثل على المسرح مثل عادل إمام، إنه يطفئ الجهاز ويخلعه من على رأسه.
يخلع السدادات من على أذنيه، ويخلع النظارة التي يرتديها، ويخلع القفازين، ويخرج إلى الشاطئ فيستقبله الفلاحين بالأحذية والعصي وهو يهرب منهم وهم مصرون على تأديبه.
العمدة :
فلتأخذ مجموعة من الحراس فوراً ولتأتوا به حالاً قبل أن يلحقه سوء، وقوموا بالتحفظ على المجموعة كلها ومعهم ابني الذي شجعهم على هذا العبث، لأعاقبهم بنفسي على المصيبة التي تسببوا لنا فيها.
عوضين :
تحت أمرك يا سيدي، أيها الحراس معي لنصل إليهم قبل أن يفتك الأهالي بهم، اجمع بسرعة.
انفخوا في الصافرة حتى يفسح الناس لكم الطريق، وخذوا معكم بعض أبناءكم حتى تخلصوهم من أيدي الأهالي قبل أن يلحقوا بهم أى إصابة أو أذى.
تخفت الأضواء ويخرج الجميع من المسرح مهرولين ويعلو صوت الغناء
وبحبك وحشتي ..
بحبك وانتي نور عيني
دا وانتي مطلعه عيني
بحبك موت
لفيت قد ايه لفيت
مالقيت غير فحضنك بيت
وبقول لك انا حنيت
بعلو الصوت



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة

قرأت لك: رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة 1. الحكاية: تحكي الرواية عن عالم في الهندسة الوراثي...