الاثنين، 23 أكتوبر 2017

كلمة عن كتاب: قلادة مردوخ ... أحمد سعد الدين

كلمة عن كتاب: قلادة مردوخ ... أحمد سعد الدين
*************************************

محمد أحمد خليفة :
إن كتابة التاريخ بروح أدبية قد تبدو للكثير من عامة القراء المحدثين أمرا سهلا يسيرا، فيما يجد الكاتب الأديب نفسه حال خوضه غمارها المتلاطم الأمواج وجها لوجه أمام إعصار هائل أو محيط شاسع أو بركان كان يظنه خامدا فوجده على وشك الإنفجار. وإني لأعجبُ ممَنْ يدعي لأمرٍ ما يحيك بصدره وتتكتمه نفسه فيأبى على الإفصاح بأنه قد استطاع في مثل هذا الزمن القياسي شراء رواية صدرت منذ أيام قلائل وناهزت صفحاتها الأربعمائة إلا قليلا، بل ويُقدم على كتابة مراجعة نقدية مجحفة لها على الجودريدز. بل ويزيد عجبي من بعض مَنْ وضع تقييما اعتباطيا عشوائيا بالنجمة والنجمتين للرواية وأنا على يقين تام بأنهم لم ولن يشتروها أو حتى يقرأوها مطلقا. إن المؤلف لمعروف لنا تمام المعرفة بمرجعه الموسوعي "فرعون ذو الأوتاد" الذي حاز الأعجاب والتقدير في أوساط النخبة من المثقفين والنقاد والمؤرخين، وروايته التي نحن بصدد الحديث عنها الآن "قلادة مردوخ" لم تجد طريقها للنور بين عشية وضحاها، بل وإني لأصدقكم القول في أن مبدعها الدكتور القدير/ أحمد سعد الدين قد أنفق عليها من عمره وجهده وبحثه ما يربو على الأعوام الخمسة، ثم يأتي مَنْ يدَّعي إفكا وبهتانا، وهو خامل مستكين في مجلسه، بأنه قرأها وبأنها لا تستحق، وهذا ظلم فادح وقول غير منصف، فالمتأمل في الرواية وأحداثها التاريخية الموثقة والمتسلسلة، يجدها تأخذ بيد القارئ الحصيف عبر العصور السحيقة الموغلة في القدم، لتريه من عجائب الحضارات ما تتسع له الأحداق وتطيش له الألباب، حتى يصل بنا الأديب الماهر بصنعته لما لم نتوقعه أو حتى يدور بخلدنا أن نربطه بتلك الأحداث الفائقة التشويق والإبهار. ليس كل مَنْ ارتاد البحار بحار، ولا كل مَنْ أمسك بالقلم ليكتب بكاتب، فلكلٍ موهبته التي حباه إياها الله، وهو العلي القدير الذي ميزنا بالعقل والحكمة وجعلنا درجات ومراتب، وفوق كل ذي علم عليم، ولقد بذل الأديب المؤرخ في روايته الجهد العظيم الذي لا ينكره قارئ منصف سليم الطوية طيب النفس وواسع الإدراك والمعرفة، والرواية ليست مجرد بروباجندا إعلامية، فالمؤلف معروف بعلمه وأخلاقه، وليست بالمثل مجرد أحداث مشوقة ومثيرة فقط، بل هي رحلة في أغوار التاريخ أجهد فيها الكاتب قلمه وفكره في بحث طويل أثق في الله أنه سيؤتي ثماره من تقدير مستحق في الغد القريب. الرحلة طويلة وشاقة وهي بالطبع ليست لأصحاب النفس القصير، وليست بالقطع لمن درج على الزَبَد من القول الذي سيذهب جفاء، أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة

قرأت لك: رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة 1. الحكاية: تحكي الرواية عن عالم في الهندسة الوراثي...