الاثنين، 9 أكتوبر 2017

من قصص الخيال العلمي ... على الجانب الآخر



على الجانب الآخر

كانت العمليات الفدائية تجري على قدم وساق ضد الغدو الصهيوني أثناء اعتدائها على الأراضي الفلسطينية، مرغ المدافعون أنف إسرائيل في التراب رغم وحشية الهجوم وكثرة الشهداء والمصابين.
مثلت هذه الحرب جرحاً كبيراً في وجه العسكرية الاسرائيلية وإحراجاً كبيراً سبب لهم رعباً من هدم جدار الردع بينهم وبين الفلسطينين.
كان المقاومين يفاجئون القوات الاسرائيلية بالهجوم من الخلف بعد الخروج من الإنفاق خلف القوات المهاجمة ويمطرونهم بطلقات الرصاص السريعة ومن خلال القنابل الدخانية يختفون كما ظهروا فجأة فلا تجد القوات الاسرائيلية لهم أثراً.
وفي العمليات الأخيرة فوجئ الفلسطينيون المهاجمون بقذائف تتبعهم داخل النفق ثم تنفجر فيهم وتهدم النفق على رأس من فيه.
استطاع المقاومون من الحصول على تلك القذائف وبالتالي تم ارسالها لمعامل البحوث والتطوير في فلسطين فاكتشفوا أن تلك القذائف تتبع افرازات الجسد البشري للمقاومين حتى تصل إليهم ثم تنفجر.
نصح المعمل المقاتلين بأن يستخدموا روائح لها نفاذية عالية لتضليل هذه القذائف عن طريقها، إلا أن تلك الروائح كانت تكشفهم قبل أن يصلوا إلى موقع الهجوم.
أخبرهم المعمل أن يستخدموا أكياساً يبولون فيها ثم يعلقونها على الأشجار القريبة من الموقع الذي ينوون الهجوم عليه، وعند الهروب كانت الصواريخ تخطئ المقاتلين وتنفجر في تلك الأشجار القريبة.
كانت إسرائيل تلقي بالقنابل الفوسفورية من الطائرات على أفراد المقاومة فتلتصق تلك القنابل بأي شئ وتحترق حتى لا يتبقى منه شئ.
فجأة ظهر في المعركة تطور جديد لصالح المقاومين الفلسطينيين، فقد ظهرت القنابل الفوسفورية بأيدي المقاتلين هذه المرة.
كانوا يلقونها على المواقع الاسرائيلية فيفر جنودها صارخين مرعوبين وهم يرون زملائهم يحترقون أمامهم دون أن يستطيعوا أن يمدوا لهم يد المساعدة أو نجدتهم.
احتار الاسرائيليون من أين أتى هذا السلاح الجديد، فلا دولة عربية و لا اسلامية تنتجه، إسرائيل هي الدولة الوحيدة بعد الولايات المتحدة الأمريكية التي تنتجه.
إنهم يعدون على الفلسطينيين أنفاسهم فكيف وصل السلاح إليهم وهم قلة مستضعفة يأتيها الضرب رغماً من كل مكان.
استطاعت المخابرات الاسرائيلية كشف موقع المعمل الذي ينتج هذه القذائف التي تطلق من مدافع الهاون، فدمرته عن آخره، بعد أقل من يومين عادت هذه القذائف لتظهر في يد المقاومين.
ذهب أحد القادة العسكريين في الدول العربية العريقة في التصنيع الحربي إلى فلسطين لينقل لهم سر هذا السلاح الجديد، وهناك رأى ما لم يتخيله أحد، وسمع عن قصة عجيبة حكاها له الفلسطينيون عن حسن نية.
التحق أحد الأفراد بكلية العلوم رغم حصوله على درجات تقترب من الدرجات النهائية تؤهله لدخول كليات القمة، وحين دخل قسم البيولوجي كان يبحث عن أسرار علم الحياة والموت، كان بحثه الدائم عن أكسير الحياة الذي يعطي للإنسان الأبدية، كان يقول كيف يمكن للأمة أن تقفز فوق آلامها وتعبر المستحيل للخروج من الحرب المفرضة عليها؟ حح
كان يعتقد في قرارة نفسه أن روح الله التي أودعها الإنسان فيها السر، وكان يحدث نفسه أن سر الموت يكمن في داخل الجسد، وأن سر الخلود يكمن أيضاً داخله، وتأكد بعد اطلاعه على خريطة الجينات الوراثية في الخلية البشرية على وجود بعض الجينات التي لم يجدوا لها أي وظيفة في الجسد، فاعتقد أن تلك الجينات ربما تحمل تاريخ نهاية الحياة للكائن الحي.
كيف يمكن للأمة التي وصفها الله بأنها خير أمة أخرجت للناس أن تعود لما كانت عليه من قبل.
فكر في أنه يمكن الوصول إلى سر الخلود بدراسة المكونات الخارجة من الجسد، فالإنسان أعظم ما خلق الله، ولقد كرمه الله ونفخ فيه من روحه، وصوره فأحسن تصويره، وهكذا فإن السر الخلود قد تشي به المكونات الخارجة من جسد الإنسان التي مرت على تلك الروح.
أصبح لديه يقين أنه سينجح في الحصول على هذا الأكسير من تلك المخرجات، رأى أن الوسيلة الأسهل هي في البحث في بول الإنسان، ولم يحس بالاشمئزاز من هذا الناتج وبدأ في تجميع كميات كبيرة منه.
قام بتسخين بوله في المعمل الذي أقامه داخل منزله، وكل يوم يضيف إليه جديداً ثم يعيد التسخين إلى أن حصل على كمية كبيرة من الملح المتبقي من هذا التسخين واستمر في التسخين على أمل الحصول على هذا المنتج الذي يحمل طاقة الخلود، فجأة حدث انفجار كبير في المعمل صعدت على إثره كميات كبيرة من الدخان له لون برتقالي فصرخ في سعادة، طاقة الخلق، سقط على أثرها بعد أن أصابه انفجار مباشر في وجهه.
سارع الأهالي بعد سماعهم الانفجار إلى شقته التي كانت عبارة عن بدروم تحت الأرض، وكانوا يشكون في جنون هذا الطالب، الذي يسير بدون تصفيف شعره، ولا يكوي ملابسه، و لا يلمع حذائه، ولا يلقي السلام ولا أي تحية على جيرانه أو أصحاب البيت، وكانوا يشمون روائح كريهة تنبعث من شقته سيئة التهوية، واعتقد أهل المنطقة أنه ربما يحضر الأرواح، ويسخر الجن.
عندما اقتحم الأهالي شقته قابلتهم رائحة بول مركزة تصيب أي إنسان بالغثيان، ففتحوا بسرعة الأبواب والشبابيك وبحثوا عنه فوجدوه غارقاً في دمه تحت المنضدة، فنقلوه إلى الخارج واستدعوا سيارة الاسعاف وأبلغوا الشرطة بالأمر.
استعانت الشرطة بعض الفنيين لمحاولة استجلاء الأمر، فلم يصلوا إلى نتيجة، فانتدبوا بعض الخبراء من مصلحة الكيمياء، فكتبوا في تقريرهم أن الطالب قام بتحضير عنصر الفوسفور من تقطير البول، وبعد تكونه وانفجاره سبب الفوسفور حروقاً شديدة وعميقة ومؤلمة للمجنى عليه لدى ملامسته الجلد، واستمر في الاشتعال حتى وصل إلى العظام.
لقد استخلص الفدائيون الفوسفور من بول البشر والدواب، كانوا يأخذونه ثم يركزونه بالتسخين حتى يحصلوا على الفوسفور من البول ثم يستخدمونه في صنع القنابل الحارقة.
كما أنهم استفادوا من تجارب الطالب في صنع البارود أو الصخر الأسود من براز الطيور بعد وضع جزء من هذا البراز ضمن سلسلة غذائها.
لن يعدم شعب مصمم على الحصول على حريته من المغتصب وسيلة لمقاومة العداون وتحقيق الردع لعدوه، فالحرية هي الحياة.
في يوم رهيب كانت أصوات الرصاص تزغرد بصوتها المفزع وأنينها المكتوم عندما تصطدم باللحم البشري.
القتال مباشر وجهاً لوجه، الدم يتفجر في كل مكان، الجراح قاتلة لشدة قرب المتقاتلين، كان يصرخ :
هذه أرضي وأرض أجدادي، وهبها الله لنا، ولأننا عصيناه كتب الله علينا التيه والضياع في صحراء سيناء لمدة، ثم منحنا الأرض المقدسة لتوبتنا وعودتنا إلى رضوانه.
هؤلاء العرب الأجلاف من الرعاة استولوا عليها منذ زمن طويل واستوطنوها، لكن ذلك لا يرتب لهم أي حقوق فيها.
السرقة مهما طال أمدها لا تعطي لصاحبها شرعية، فما بالك إذا كان المسروق أرض ووطن وهوية.
أخذ يردد بعض الأجزاء التي حفظها من التوراة وهو يوجه نيرانه نحو الفلسطينيين بحنق، لا يهم من يكون الضحية، كلهم لصوص ومتخلفون.
العالم أفضل بدونهم، فهم إما أن يكونوا ارهابيين يهددون أمن دولتنا، أو مشاريع لارهابين في المستقبل.
النساء تحارب وجودنا بالولادة، إنهم مثل الأرانب و القطط، يمتعتن بخصوبة عالية، حرب أرحام تقوم بها الفلسطينيات ضد وجودنا.
قتلهم واجب للتخلص من ماكينة توليد الارهابيين سريعة الدوران وكثيفة الإنتاج، هؤلاء المتخلفون لا يقيمون للحياة وزناً و لا قيمة.
يفجرون أنفسهم لكي يموتوا في أبشع صورة وفي أحقر منظر، متخيلين أنهم بذلك يرضون ربهم وأنهم سيدخلون الجنة، أي جنة سيدخلون هؤلاء البلهاء، وقد قَصًرها الله علينا نحن شعب الله المختار.
أول شعب آمن بالتوحيد، سيدخلون بعد تلك الموتة الحقيرة إلى جهنم وبئس المصير، لن ينجيهم ربهم و لا نبيهم المزعوم من هذا المصير الحقير.
برز له فجأة من خلفه ارهابي من نفق سري تحت الأرض، مشكلته دائماً المسافة صفر، فهو يحب الحرب من مسافة ليمكنه تمييز عدوه و تحديد مكانه والتصويب عليه.
عالجه برشقة رصاصات، ولكن الآخر أصابه برصاصة واحدة استقرت في قلبه، نزف الدماء القانية على دفعات.
 تألم للحظات وهو يردد، يهواه ... ارحمني ... كما رحمت آبائي موسى وهارون ويعقوب.
يحس بالوهن يخدر جسمه، تظهر له صورة حبيبته وهي تسنده إلى صدرها وتبكي في حرقة.
 يرى وجه أمه تنتحب أمام جسده، وأبيه يتحسر على شباب ابنه، ثم غاب عن الدنيا وما فيها.
أفاق على صوت أمه وهي تنادي عليه، عندما فتح عينيه أبصرها وهي تقبل يديه، تشكر الرب على سلامة وحيدها.
لا يمكن أن يكون في الآخرة، فأمه لم تسبقه إلى هناك لأنه تركها حية، نظر حوله في وجل فرأى الأجهزة الطبية موصلة إلى جسده وهي تعطي قراءات متغيرة وسريعة كل شئ.
تراءى له وجه أبيه الملئ بالتجاعيد، هناك غير بعيد وجد حبيبته تبتسم له وكأنها آتية من حفل زفاف بكامل زينتها.
ابتسم لأنه تأكد أنه ما زال في الدنيا. جاء الطبيب على عجل، وبدأ يسأله عن اسمه وعن عنوانه وعمله والأشخاص الذين يتحلقون حوله، فلما أجاب اطمئن أن الأمور تسير على ما يرام.
حكوا له عن بطولته وانتقامه من الارهابيين وهو فخور بما يقولون عنه، ولكن أحس بغصة في حلقة كلما ذكروا له ذلك.
أحس بأسى غريب على هؤلاء الضحايا واكتسي قلبه الحزن على هؤلاء الذين لا ذنب لهم فيما يحدث.
بعد خروجه شئ ما تغير في شخصيته، مال إلى العزلة، واضطربت حياته الاجتماعية، وقل حديثه في السياسة التي كانت هوايته.
حتى الأنشطة العسكرية التي كان يتميز فيها فقد حماسته القديمة لها واندفاعته كالأسد في مواجهة الارهابيين.
أدمن قراءة تاريخ بناء الدولة، أعاد القراءة برؤية جديدة لا يدري من أين جاءته عن الهولوكست وما تعرض له اليهود من إبادة.
أحس بتشابه كبير بين ما حدث وما يحدث الآن في فلسطين، تعرف على تاريخ الدول العربية والاسلامية.
رغم التشويهات المتعمدة تأكد من حسن تعاملها في كل عهودها مع اليهود ومع جميع الأديان الأخرى.
هجرته حبيبته بعدما بدأ يشكك في مشروعية الدولة التي حولت الدين إلى دولة ليس لها أي علاقة بالدين اليهودي.
مجموعة من العلمانيين اتخذوا دينهم وسيلة للسيطرة على اليهود وتوجيههم وفق أغراضهم.
لم يعد يتقبل فكرة أن يأتي إليك من يقول لك أن تلك الأرضي ملكي، لأن أجدادي كانوا هنا منذ ما يزيد عن ألف سنة وكانوا يملكون هذه الأرض.
تحير من تلك الميول الجديدة فبدأ بالبحث عن سببها، هاجمه الاسرائيليون مرات عديدة ورشقوا منزله بالحجارة وكتبوا شعارات علي جدرانه تدعوه الي الرحيل من دولة اليهود.
ذهب لأكثر من طبيب نفسي فأرجعوا الأمر إلى أن تجربته المريرة في الاقتراب من الموت هي التي أثرت فيه وجعلته زهداً في الدنيا كلها.
لكنه لم يقتنع، أحد الأطباء نصحه بدراسة حالته المرضية قبل وبعد العملية الجراحية فربما نقلوا له عضو من أعضاء أحد الفلسطينيين.
أخبروه أن الذاكرة ليست فقط في خلايا المخ، وأن الأعضاء لها ذاكرة، وأنها قد تؤثر بشدة في ميوله وعاداته وطباعة.
بعد جهد جهيد علم أن قلبه قد تمزق بفعل رصاصات الارهابي وأنهم نقلوا إليه قلب قاتله.
قرأ كثيراً عن الدين الاسلامي ثم اعتنقه وتزوج ابنة ذلك الفلسطيني بعد الذي قتله، هجرته أسرته لأنهم رأوا فيه شخصاً آخر ليس له علاقة بابنهم سوى بالشكل فقط، تغيرت طباعة، وكثرت تساؤلاته، وتغيرت قناعاته.
سأله أحد رفقاؤه القدامى:
لقد أسلمت وسلمت لهم لأنهم وضعوا فيك قلبهم، ابتسم في ثقة وقال: لا .. بل رأيت القضية من الجانب الآخر.
أكمل بعد وقفة قصيرة : ربما يكون نقل القلب أحد الأسباب، ولكني اقتنعت أن الإسلام هو دين الحكمة والحقيقة، لقد اهتديت لأنني كنت أبحث عن الحقيقة، ذلك هو السبب الوحيد .
قال في سخرية :
لو أراد الفلسطينيون السيطرة على إسرائيل فعليهم أن يعطوهم قلوبهم حتى يكسبوا عقولهم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة

قرأت لك: رواية جريمة عالم للدكتورة أميمة خفاجي بين الخيال العلمي وأدب الجريمة 1. الحكاية: تحكي الرواية عن عالم في الهندسة الوراثي...